الموسيقار العالمي بشارة الخوري: مؤرّخ لحظات
الوجع عبر النّوتة

تسلط الكاتبة ومُعدّ ة سلسلة "وجوه موسيقية من لبنان"
عن "دار غوتنار" الفرنسية زينة صالح كيالي الضوء
على دور الثقافة كمحرك أساسي عموما،ً وللنهوض
في لبنان من كبوته خصوصا،ً م ا دفعها إل ى تأسيس
"بيت التباري س للثقافة والموسيقى" المتوقع أن يضم
برنامجه لهذ ه السنة نشاطا ت ثقافية ودورا ت تدريبية
يقدمه ا كبا ر أساتذة الموسيقى في فرنسا والعالم، كما
شهدنا ذل ك الصيف الماضي عند مجيء الموسيقار
اللبناني العالمي عبد الرحمن الباشا، الذ ي صقل
مهارات طلاب الكونسرفتوار في دورا ت متقدمة في
العزف على البيانو.
تثمن كيالي مسيرة أسما ء علم رائدة في الموسيقى،
منه ا الموسيقار اللبناني العالمي بشارة الخوري، في
لقاء ثقافي دع ا إليه "مجمع الثقافة والكتابة للبنانيين
واللبنانيا ت في كيبيك “ CELQ عبر تطبيق
"الزوم".. .
من إيجابيا ت هذه المبادرا ت التي تماي ز به ا CELQ
أنه ا الطريقة الفضلى لتقري ب المسافا ت بين اللبنانيي ن
في بلدهم الأم والمنتشرين في أقطا ب العالم، م ا يسهّل
على الجيل الناشئ، الذ ي يعيش اليوم كوابيس يومية
في بيروت المجروحة، إدراك أهمية الثقافة في إعداد
فكر قائم على الحرية، وهي أثمن ما للإنسان.. .
كيالي التي ه ي من مؤسسي مركز التراث الموسيقي
اللبناني في مدرسة الجمهو ر الذي يحو ي أرشيف كبار
موسيقيي لبنان المعاصرين والسابقين، أمثال وديع
صبرا مؤسس الكونسرفتوار الوطني، عرضت في
القسم الأول من هذا اللقا ء بيوغرافيا عن بشارة
الخوري الذي ولد في 18 آذار )مارس( 1957 ، ونشأ
في بيئة عائلية مشبعة بالثقافة والموسيقى والشعر، لا
سيما أنه حفي د الأخطل الصغير ووالدته سلوى شقيقة
الأخوة الرحباني، مع معلوم ة مهم ة أنها كانت تؤد ي
في أربعينات القرن الماضي أغاني شقيقيها قبل
اكتشافهما فيروز.
العلامة الفارقة في شخصية بشارة الخور ي أنه كان
يؤلف نص ا موسيقي ا في سن ال 12 ربيعا،ً رغم أنه ل م
يكن يتابع أ ي حصص موسي قية في حينها، ما يعك س
نبوغ هذا الفت ى الذي لم يهو كثير اً بع ض الحصص في
دراسته المدرسية.
كان ت كيالي تقدم الموسيقار اللبناني العالمي خلال هذا
اللقاء وهو صامت خلال تقديمه ا لبروفيله المهني
والحياتي، ما يعكس سما ت التواضع، وهو رصيد
رجالات لبنان الحقيقيين .
وذكرت أن بشارة الخور ي تعلم عزف البيانو وتابع
تماري ن تطبيقية على يد آغوب آرسلنيان في لبنان
وبيار بوتي في فرنسا، الذي ساعد ه على التعرف الى
أسماء لامعة في الأوركسترا والموسيقى في فرنسا.. .
ماذ ا عن الشعر؟ سؤال طرحته كيالي وجوابه أنه
عاش ازدواجية بين الشع ر والموسيقى، مذكرة
بأن الرئي س الأسبق سليمان فرنجية كرم ه كأصغ ر
شاعر في لبنان عام 1975 تقدير اً لما كتبه.
و أشار ت كيالي إلى أ ن للشعر مكانته في حياته، وهذا
ينعكس في موسيقاه. وقد تناول الخور ي هذه القيمة
المضافة في إرثه الموسيقي من خلال مخزون كبير
من مؤلفاته ، منه ثلاث مقطوعات هي وليدة حواد ث
طبعته بامتياز ، الأولى هي مقطوعة موسيقية عن
"أطلال بيروت"، وهي نابعة من الحرب الشرسة على
مدينته بيروت، موضح ا أنه ا تضم ثالوث ا موسيقي ا يتناول فيه هذ ه التراجيدي ا الأولى الحر ب على لبنان ،
تتبعه ا تحية خشوع للضحايا وصولا إلى أطلال
بيروت .
ما يميز الخوري هو أنه يجسد لحظات مفصلية في
حياتنا، في مقطوعات موسيقية مفعمة بك ل م ا شعر به
في لحظا ت صعبة جداً ، منها مقطوعة موسيقية عن
نيويورك "الدموع والأمل" التي وضعها من صلب
مأسا ة 11 أيلول 2001 ، مشير اً إلى أن تجسيد
مشاعره على النوتة استمر 4 أعوام ليضع شيئ ا من
ذاته، أ و حتى من ذاتن ا في العمل الموسيقي.. .
وشدد أيض ا مؤرخ لحظات الوجع عبر النوتة على أنه
اندفع، بطلب من "مؤسسة فرنسا"، على التعبير عن
لحظا ت الهجوم على قاعة باتكلان في باريس عام
2015 ، محوّلا عمله إل ى صلاة موسيقية.. .